فهو العليّ علو ذات، قد استوى على العرش، وعلا على جميع الكائنات، وباينها، وهو العلي علو قدر، وهو علو صفاته وعظمتها، فإنّ صفاته عظيمةٌ لا يماثلها ولا يقاربها صفة أحد، بل لا يطيق العباد أن يحيطوا بصفة واحدة من صفاته. وهو العلي علو قهر، حيث قهر كلّ شيء، ودانت له الكائنات بأسرها، فجميع الخلق نواصيهم بيده، فلا يتحرّك منهم متحرِّك، ولا يسكن ساكن إلا بإذنه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن
الذي شمل الكائنات بأسرها ببره ومنِّه وعطائه، فهو مولى النعم، واسع العطاء، دائم الإحسان، لم يزل ولا يزال بالبر والعطاء موصوفاً، وبالمنِّ والإحسان معروفاً، تفضل على العباد بالنعم السابغة، والعطايا المتتابعة، والآلاء المتنوعة، ليس لجوده وبره وكرمه مقدار، فهو سبحانه ذو الكرم الواسع والنوال المتتابع، والعطاء المدرار.
والكبير العظيم أي: الذي له الكبرياء نعتاً والعظمة وصفاً، ومعاني الكبرياء والعظمة نوعان: أحدهما: يرجع إلى صفاته سبحانه، وأن له جميع معاني العظمة والجلال، كالقوة، والعزة، وكمال القدرة، النوع الثاني: أنه لا يستحق أحدٌ التعظيم والتكبير والإجلال والتمجيد غيره، فيستحق على العباد أن يعظّموه بقلوبهم وألسنتهم وأعمالهم
المجيب يدل على أنه سبحانه يسمع دعاء الداعين، ويجيب سؤال السائلين، ولا يخيب مؤمناً دعاه، ولا يرد مسلماً ناجاه، ويحبُّ سبحانه أن يسأله العباد جميع مصالحهم الدينية والدنيوية، من الطعام والشراب والكسوة والمسكن، كما يسألونه الهداية والمغفرة والتوفيق والصلاح والإعانة على الطاعة، ونحو ذلك، ووعدهم على ذلك كله بالإجابة مهما عظمت المسألة، وكثر المطلوب، وتنوعتْ الرغباتُ
و"البصير" أي: الذي يرى جميع المبصرات، ويبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى مجاري القوت في أعضائها، ويرى جريان الدم في عروقها، ويبصر ما تحت الأرضين السبع كما يبصر ما فوق السموات السبع، ويرى تبارك وتعالى تقلبات الأجفان، وخيانات العيون.
الإحاطة المكانية فقد أحاطت ظاهريته وباطنيَّته بكل ظاهر وباطن، فما من ظاهر إلا والله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، كما قال عليه الصلاة والسلام: "وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء"،